تونس-Olive Oil Business:شهد قطاع الزيتون في السنوات الـ 25 الماضية ارتفاعا قياسيا على مستوى الطلب وفقا للمجلس الدولي للزيتون.
وحسب نفس المصدر فقد ارتفع الاستهلاك منذ منتصف تسعينات من القرن الماضي من مليون طن ، إلى مليوني ثم إلى 3 ملايين بالنسبة لأرقام
اليوم.
ويذهب المجلس الدولي للزيتون إلى القول بأنه من الصعب جدا إيجاد قطاع نما فيه الطلب بنسبة 50٪ خلال 25 سنة فقط.
ومن المتوقع أن يستمر الاستهلاك العالمي في النمو في ربع القرن المقبل، حيث أصبحت زيوت الزيتون – استخداماتها وفوائدها وخصائصها المميزة مقارنة بالزيوت والدهون الأخرى أكثر شهرة وأكثر رواجا في مختلف الأسواق العالمية.
يواجه قطاع زيت الزيتون في الوقت الراهن نموا قياسيا على مستوى العرض من المنتظر أن يصل إلى 4 ملايين طن في مختلف العالم وبطاقة إنتاجية تصل إلى 2 مليون في إسبانيا.
الارتفاع في مستوى العرض يجب أن يقابله بالضرورة ارتفاع على مستوى الطلب مع محاولة تجنب خطر التخفيض في الأسعار الذي قد يؤدي إلى أزمة في المنظومة بين شركات الإنتاج التي تتنافس على السعر وبين الشركات التي تراهن على القيمة المضافة.
وتشير بعض الدراسات العلمية إلى أن مستقبل شركات إنتاج زيت الزيتون في العالم ستحدده معادلة العرض والطلب ومؤشر الأسعار، حيث ستجد الشركات التقليدية التي لا تتنافس قي السعر و لا في القيمة المضافة خلال عقد من الزمن تواجه مصير الاختفاء من السوق ولن يكون لها مستقبل بسبب انخفاض الدعم وشيخوخة مزارعها وكذلك اندثار زراعة الزيتون العائلية ( Domaine Familiale).
في هذا التطور الهام للطلب ، كان هناك عنصر متناقض يجب أن يجعلنا نفكر ، مثل مرونة سعر الطلب المرتفعة في السوق الإسبانية.
في الواقع ، يبدو نسق انخفاض الاستهلاك المحلي في اسبانيا ملحوظا في مواجهة زيادة الأسعار وحتى في أوقات تكون فيها الأسعار منخفضة وهو ما يؤكد وفق تقديرات خبراء الاقتصاد ضعف السوق الاستهلاكية الاسبانية حيث يعتبر زيت الزيتون بشكل عام ، وزيت الزيتون البكر بشكل خاص ، منتجات لا قيمة لها ، مجرد سلع.
وفي المثال الاسباني، يعتقد المستهلكون أن تجاوز اللتر الواحد من زيت الزيتون البكر الممتاز 3.5 أورو هو منتج باهظ الثمن، عكس الوضعية الايطالية حيث يرى المستهلك الذي يجد نصف لتر زيت زبتون بكر ممتاز بأقل من 6 أورو أن ذلك ليس أصليا وعالي الجودة.
إن استعادة السوق الاسبانية الداخلية وتأسيسها يمثل تحديًا كبيرًا للسنوات الـ 25 المقبلة وفق الخبراء.
صورة المستهلك للمستقبل
من المستحيل تقدير ما يمكن أن يكون عليه المستهلكون خلال 25 عامًا، فلا أحد يمكنه التخمين في إمكانية إعداد الطعام باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد 3D ، أو الشراء من المتجر والدفع دون وجود شخص واحد ودون استعمال القطع النقدية، ولا يمكن التوقع كيف ستؤثر الروبوتات على العمل ، وأي الوظائف ستختفي وأيها سيتم تحسينها، وهو ما يجعل ثقافة الاستهلاك مستقبلا محل دراسات عديدة ومن بينها ثقافة استهلاك زيت الزيتون وصورة المستهلك مستقبلا من منطلق تطور استهلاك الغذاء والتغيرات في عادات الشراء والاستهلاك.
تذهب بعض النظريات إلى طرح جملة من الاستفهامات لمحاولة تحليل وتفكيك مستقبل استهلاك زيت الزيتون في العالم وكيف ستكون اتجاهات الغذاء وفن الطهو في الـ 25 سنة القادمة ، في وضع يتميز بعدم التماثل في سلسلة القيمة الغذائية والميل إلى تقليل الدعم العام للزراعة ، وارتفاع معظل الأخطار الحمائية وعدم اليقين الجيوسياسي وتأثيره على تجارة المواد الغذائية في العالم بالإضافة إلى السرعة التي تتغير بها عادات الشراء والاستهلاك للمستهلكين ، والاضطراب التكنولوجي والتطور الاقتصادي (الاقتصاد الدائري والاقتصاد الحيوي ..)
ما هو ثابت وفق بعض الدراسات أن المستهلك مستقبلا لن يطالب بمنتجات آمنة وأخلاقية وطبيعية ومستدامة فقط، بل سنجد مستهلكا يطلب فقط بالمنتجات الطبيعية دون أي إضافات كيميائية أو مواد حافظة مع تمسكه في نفس الوقت بمعرفة كيف وأين ومتى ومن أنتجها ، وكذلك قيم الشركة التي تسوقها، وهو ما يفرض على منتجي الأغذية بتوضيح المكونات ونظام الإنتاج وسلاسل التوريد والالتزام بالتعبئة المسؤولة بيئيا وصحيا.
تغييرات بالجملة…
وفي السياق ذاته، سيتم تقييم ما يسمى ب « العلامات النظيفة » حيث سيصبح تقديم معلومات واضحة ونظيفة ومفهومة للمستهلك واجبا على مصنعي الأغذي ومن بينهم مصنعي زيت الزيتون الذين سيواجهون مشكلا كبيرا حيث سيكونون بعيدين عن توجيه المستهلك في قرار الشراء.
وسيواجه مصنعو الأغذية كذلك تحديات أخرى أهمها الالتزام بالرفاهية الشخصية والنظم الغذائية الشخصية حيث تقود وتيرة الحياة السريعة والقدرة على الاتصال المفرط المستهلكين إلى البحث عن نظام غذائي صحي يساعدهم على مقاومة التوتر وتقليل التعب والحصول على الطاقة، وهذا الرهان يوفر فرصة كبيرة لزيوت الزيتون بشكل عام والبكر الممتاز بشكل خاص نظرا لخصائصه الصحية والغذائية.
كذلك تؤكد الدراسات أن ثقافة « الأكل بالعينين » ستستمر ولها أهمية كبرى بالنسبة للمستهلكين – وخاصة جيل الألفية حيث يبحث المستهلك عن تجربة حسية في الطعام فيتجه نحو منتجات تشتمل على الحواس البصرية و الرائحة و الملمس.
الاستهلاك عبر الانترنت…
ومن المتوقع في مستقبل الاستهلاك الغذائي أن يراهن على قنوات شراء جديدة من أجل توفير الوقت والمال بما سيدعم صعود التجارة الإلكترونية وإمكانية الشراء من خلال الأنظمة الالكترونية عبر الأجهزة المحمولة يعني أن المزيد والمزيد من المستخدمين يراهنون على عمليات الشراء عبر الإنترنت كل يوم.
كل هذا يوفر الوقت والمال وبالتالي ، فإن المنصات الإلكترونية لبيع زيت الزيتون للشركات المنتجة ستصبح ضرورية للوصول إلى مستهلكين جدد وحتى التقليديين الذين سيتغيرون بفعل الزمن والتطور التكنولوجي.
كما ستصبح العروض مخصصة أي زيوت زيتون محددة ، تقريبًا لكل فئة من المستهلكين وستسمح التكنولوجيا بتخصيص العرض حتى بشكل فردي اعتمادًا على سلوك الشراء لكل فرد مستهلك.
كل هذا من أجل تحسين تجربة المستخدم وكفاءة الأعمال، وبالتالي سيتمكن المصنعون الذين يراهنون على التخصيص سواء في المنتج أو الترويج ، من جذب المزيد من المستهلكين، وقد يؤدي عدم التكيّف إلى تعريض تمسك المستهلكين لعلامة تجارية للخطر لصالح الآخرين الذين يقدّمون هذه الإمكانية.
بالإضافة إلى ذلك ، تستهدف الصناعة بشكل متزايد مستهلكًا مترابطًا للغاية ومحبا للتكنولوجيا هو « المستهلك 4.0 » وهو ما يجعل القطاع يتطور نحو جمهور يبحث عن وصفات عبر الإنترنت ويطبخ مباشرة من خلال دروس الفيديو ويبرمج صانع القهوة الخاص به على القهوة الساخنة بمجرد استيقاظه.
بستان الزيتون في المنزل
…
« شيئًا فشيئًا نسعى إلى أن نكون أقرب إلى الطبيعة »، نظرية بدأت تكتسب أهمية في عام 2017 وفي عام 2019حيث أصبح واضحا توجه المستهلكون إلى اقتناء مستلزماتهم الغذائية مباشرة من منتجي الفاكهة والخضروات الطازجة وزيت الزيتون تهربا من المنتجات المصنعة.
اتجاه آخر لا يمكن إيقافه هو أن الأطعمة التي تتوافق مع البيئة: الأطعمة العضوية ، الديناميكية الحيوية التي تثبت ثاني أكسيد الكربون في التربة ، وبالتالي تساعد على التخفيف من تغير المناخ، والأطعمة الأقل معالجة ، مع كمية أقل من الإضافات ومع مكونات طبيعية أكثر حيث يصبح تناول الطعام لدى المستهلكين مستقبلا ليس مجرد مسألة متعة بل قمة الرفاهية والصحة خاصة.
اليوم ومستقبلا، يرغب المستهلكون في الحصول على تجارب مرضية في تناول الطعام والاستمتاع بها من خلال معرفة كيف يتم الحصول على العصائر الجيدة عبر السياحة الزيتية ، لأن المستهلكين لا يريدون أن يروا فحسب ، بل يريدون أن يجربوا وان يتمتعون بمقارنة الزيوت والأصناف.
تغيير بيئي…
تؤكد الدراسات أن أكبر تغيير استهلاكي قادم مستقبلا هو التغيير الذي يراهن بقوة على احترام البيئة وسلامة الغذاء كعملية وليس نتيجة حيث يصبح المهم للناس ليس فقط أن ما يوجد في الزجاجة هو EVOO ، ولكن أن عملية الإنتاج كانت عذراء للغاية ، ولم تلوثها ، وأنها تحترم الإقليم ، وأخلاقيات العمل ، وخلق فرص العمل واحترام حقوق العمال ، والمساهمة في التنمية الريفية و الإقليمية ، والحفاظ على السكان في الإقليم ، وتقليد أنماط الاستهلاك التقليدية والحفاظ عليها ، والتجارة العادلة ، وما إلى ذلك.
كما أصبح ضروريا تغيير الاتصال والرسائل ودمج المستهلكين الجدد دون تجاهل الإصرار على الآثار الصحية الإيجابية لزيت الزيتون من خلال الابلاغ الإبلاغ عن الجوانب الأخرى ذات الصلة ببعض زيوت الزيتون على غرار تأثيرها على التنوع البيولوجي ، على المناظر الطبيعية ، على العمالة ، على التنشيط إقليميًا ، على الإخلاء السكاني … باختصار ، يجب أن نتحدث ليس فقط عن المنتج نفسه ، ولكن عن السلع العامة التي يولدها بستان الزيتون المحفوظ جيدًا.
مستقبل التعبئة…
في مجال التعبئة والتغليف، يجدر تسليط الضوء على ثورة التغليف الذكي والتخلص من البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدةو اعتماد حاويات مزودة بأجهزة استشعار تقدم معلومات ليس فقط عن حالة الطعام الذي تحتوي عليه ، بل تحميها أيضًا لزيادة جودة الحفاظ عليها في جميع الأوقات من خلال ضمان عمر تخزين طويل ومرونة وإدراك أكبر لرائحة المنتج .